
لم يكن المرجع الديني الاعلى السيد
الصرخي الحسني دام ظله المبارك طوال مسيرته رجل حرب او منظرا سياسيا لحزب
يخوض صراعا من اجل السلطة ولم يكن قائدا لمليشيا مسلحة تنازع المؤسسات
الدستورية والقانونية سلطاتها او زعيما توارث سحره في التأثير على شطر من
المجتمع فلم يكن ابنا لمرجع او قائد او شيخ عشيرة نافذ او مولود في بيئة
متفردة بامتيازاتها المادية والمعنوية ساهمت الظروف السياسية والاجتماعية
في صناعته وتأهيله وبروز نجمه على الساحة .. بل كان ولايزال وسيبقى رجل علم
ومعرفة وورع وتقوى ولد من رحم المجتمع العراقي فشهد كل التداعيات السياسية
والاجتماعية التي لحقت به جراء المتغيرات السياسية والامنية و التحولات
الاجتماعية المرافقة لها بأعتباره فردا من افراد المجتمع يجري عليه ما يجري
على الاخرين فعاش كل الامه ومعاناته وهمومه اليومية بأدق تفاصيلها , صقلت
شخصيته الظروف فتأثر بالمتراكم التاريخي للأحداث والوقائع التي ساهمت في
بناء الشخصية العراقية عبر قرون طويلة فكان مشروعا اصيلا لقيادة دينية
وفكرية وسياسية استمدت اصالتها من اصالة الانتماء الى المجتمع وشرعيتها من
سموها العلمي والاخلاقي وملامستها للواقع بكل ابعاده فخاض نضاله وسط الفوضى
العارمة التي تلف كل جوانب الحياة في بلده لتصحيح وتقويم المسارات
المختلفة ليكون امام مسؤولية شرعية واخلاقية ووطنية كبرى تفرض عليه التصدي
لمواجهة المحنة التاريخية دون تردد رغم التحديات الجسام التي وضعته امام
مواجهات حاسمة , خارجية ترفض بروز اي توجه عراقي خالص يكون لاعبا اساسيا في
اعادة صياغة المشهد الوطني بالشكل الذي يتيح للعراقيين تجسيد ارادتهم
ومواقفهم بما يضمن تحقيق اهدافهم وتطلعاتهم المشتركة , وداخلية اما بسبب
ارتباطها بصورة او بأخرى بالخارج فأصبح الدفاع عن مصالحها الفئوية والشخصية
المحرك الاساس لمواجهة التوجه القيادي الاصلاحي لمرجعية اية الله العظمى
السيد الصرخي الحسني دام ظله المبارك او بسبب وقوعها ضحية للدعاية
الاعلامية المغرضة التي نجحت في فرض حصارها على الفهم العام لجزء من ابناء
المجتمع الامر الذي وضع العصا في دولاب الحركة الدؤوبة لفترة من الزمن لأن
العملية الاصلاحية ترتكز في احد اهم جوانبها على الوعي الجماهيري وتراهن
على قراءته الموضوعية للواقع .. غير ان الاصرار على بلوغ الهدف النابع من
ضرورة تجسيد الارادة الوطنية في عملية بناء الوعي الاجتماعي ليكون بمستوى
فهم مرحلة التقويم والتصحيح الضرورية ونقل الفكر الديني الاصيل من مستوى
الخطاب الى مستوى السلوك والممارسة كان السبب في تقويض التحديات وفتح
الافاق امام بروز البديل الناجع لقيادة هذه المهمة وكسر الحصار المفروض على
الفهم والوعي الاجتماعي لماهية وطبيعة المشروع الديني والوطني لسماحته دام
ظله فكان الانفتاح الشعبي والتهافت الكبير على برانيه وتفاعل شرائح
اجتماعية واسعة مع هذا الفكر الرائد بمثابة الانطلاقة الكبرى للشروع بعملية
تصحيحية وتغييرية تعيد للمجتمع وعيه ونباهته وللعراق هيبته ومكانته
الطبيعية بين دول العالم.
0 Comments